أنت لست حرًا، ما دمت مؤمنًا!

بقلم: ياسمين يوسف

28 أكتوبر 2019

 
عليك أن تقرر، هل أنت عبدٌ لله الخالق، الملك، مالك الملك، المهيمن؟ أم أنك حرٌ؟ فلا يمكن أن تكون عبدًا، وحرًا في نفس الوقت!

 

أفكر كثيرًا في أمور الجبر والاختيار وإذا ما كان للإنسان إرادة حرة. والمعادلة قد تبدو سهلة ومنطقية: فقد كفل الإسلام الحرية للفرد. ولكن دعونا نتأمل هذه المفاهيم بشكلٍ أعمق.

الحرية والعبودية لا يجتمعان

الحرية هي أن تفعل ما تشاء والإرادة الحرة هي ألا يقف أي شيء أمام ما تريد. كثيرًا ما كنت أقول، أنا أرتدي الحجاب بمحض إرادتي وحرية اختياري. ولكن الآن انتبهت أن هذا القول غير دقيق وغير حقيقي، بل وفيه تعدٍ صارخ على العبودية لله ﷻ. أما كونه غير دقيق ولا حقيقي، فهو لو أني فعلاً أطبق إرادتي “الحرة”، فبالتأكيد لن أحب تقييد الحجاب. بالـتأكيد سأفضّل التحرر منه لو تُرك الأمر لإرادتي الحرة. والدليل على أن المحجبات يرتدينه طاعة لله ﷻ فقط، هو كم منهم ستستمر في ارتدائه إذا لم يكن فرضًا؟

أنا إذًا ارتدائي للحجاب، هو ليس تعبيرًا عن حرية إرادتي. بل هو تعبيرٌ عن عبوديتي وامتثالي لأوامر خالقي الملك، مالك الملك، المهيمن. وهذا يأخذني للنقطة التالية، وهي الخاصة بالتعدي على مفهوم الإلوهية.

قولي أني أمارس حريتي بإرتدائي للحجاب، هو تعدٍ على إلوهية الله ﷻ والعياذ بالله. فأنا أفعل ما يأمرني به، لا ما أريده أنا. فأنا بعبوديتي له، ليس لي قرار من نفسي. بل أفعل كما يفعل العبد. يسأل السيد عما يريده له، وينفّذه. هو الملك. هو يأمر، والعبد يطيع. وإلا فما معنى أننا عباد الله؟ وما معنى مخاطبة الملك ﷻ لنا بـ “يا عبادي”! وما معنى هذا الدعاء الجميل الذي نقول في مطلعه:

اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك. ناصيتي بيدك. ماضٍ فيّ حكمك. عدلُ فيّ قضاؤك

الحرية الأصلية

والحرية الأصلية هي عند مرحلة التأرجح بين الإيمان أو الكفر. لقوله تعالي:

وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ….” ﴿الكهف 9﴾

ومجال الإرداة الحرة مفتوح للجميع للبحث عن الخالق والاقتناع به واختيار عبادته سبحانه:

  • إِنَّ هَٰذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلًا” ﴿19 المزمل﴾
  • ذَٰلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ مَآبًا” ﴿39 النبإ﴾
  • إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ﴿٢٧﴾ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ” ﴿28 التكوير﴾

فإذا اخترت بحريتك وإرادتك الحرة أن تؤمن، فأنت سلمت حرية اختيارك وأسلمت… أسلمت رغباتك وإرادتك وقلبك وعقلك. أسلمت كل شيء ولم تصبح حرًا بل أصبحت عبدًا. ويالها من عبودية تتشرف بها وتعينك على هذه الدنيا التي لا يعرف سبل البقاء، والنجاة، والفوز فيها سوى خالقها وخالقك!

الحرية الحقيقية

أما الحرية الحقيقية فلن تكون أبدًا في الدنيا. بل هي في الآخرة وبإذن من الله ﷻ. يقول تعالى:

  • تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ” ﴿٣١ النحل﴾
  • لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا” ﴿١٦ الفرقان﴾
  • لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَٰلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ” ﴿٣٤ الزمر﴾
  • نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31)

ولقد كانت تلك الحرية لدى سيدنا آدم وأمنا حواء حيث قال الله ﷻ لهما:

اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا” ﴿35 البقرة﴾

كانت لدينا تلك الحرية في الجنة (بإستثناء شجرةٍ واحدة) وهي دار الطيّب المحض كما يسميها ابن قيّم الجوزية رحمة الله عليه. هي دار لا يستكبر فيها أحدٌ على العبودية لله ﷻ ولا على طاعته. لذلك فعندما فعّل إبليس، لعنة الله عليه، إرادته الحرة ولم يسجد لسيدنا آدم عليه السلام، كانت العاقبة أن يهبط من الجنة لأنها دار العبودية لا دار التكبّر على عبادته سبحانه.

قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا” ﴿١٣ الأعراف﴾

وعندما فعّل سيدنا آدم إرادته الحرة بدلاً من عبوديته لله ﷻ، كانت النتيجة والعاقبة هي المعصية للأمر الإلهي وأن تم إرساله إلى الدنيا حيث البقاء المؤقت.

قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ” ﴿٢٤ الأعراف﴾

والدنيا هي دار العصاة، يُسمح لنا فيها بممارسة الإرادة الحرة لنرى نتائج تلك الحرية عيانًا بيانًا ونشتاق للجنة حيث لا ظلم وحيث كل شيء متسق مع الإرادة الإلهية. ويُسمح في الدنيا لمن يود أن يتكبر على عبادة الخالق سبحانه، أن يفعل. ولم يتركنا الخالق سبحانه وحدنا في تلك الأرض، بل دعمنا بالرسل والكتب وكل سبل الهداية. فإن اهتدينا، رضينا بالعبودية له سبحانه، ورضينا بطاعته رغمًا عن إرادتنا الحرة وما توسوس لنا به من مخالفة لأوامره سبحانه. حينها تصبح الدنيا سجن لنا لأننا فيها نعبد الملك سبحانه ولا نطلق العنان لحريتنا. وتصبح أيضًا جنة الكافر، الذي لا يرضى له إلهًا يقيّده بأوامر، ونواهي.

لن ننال الحرية الحقيقية إلا بالعبودية التامة له في الدنيا (قدر استطاعتنا) حتى يسمح لنا برحمته أن نعود إلى دار الجنة والتي ننعم فيها بما نشاء في حرية حقيقية غير متقيدة بقيود.

ماذا لو اخترت عدم الإيمان؟

السيد لا يحتاج العبد. العبد هو الذي يحتاج السيد (الرب) ويعتمد عليه في كل شيئ. فإذا اختار العبد أن يكون “حرًا” لا يؤمن بإله لأن الإيمان يقيّد الحريات، فهذا لعمرى شيءٌ عجاب! الإنسان لا يستطيع تفسير من أين جاء. ولا يستطيع منع نفسه من الشيخوخة. ولا يتحكم في معظم وظائف جسده. وإذا توقفت إحداها، سيعجز عن إعادتها للعمل. وهو لا يملك شيئًا بين أطوار الحياة من الطفولة للكهولة للموت. ومع ذلك يعتقد أنه أقوى المخلوفات ,انه ليس له خالق!

وهو يجد نفسه لديه مهارات وقدرات عقلية وجسمانية مذهلة. وهو يخترع ويبتكر ولكن كل ما يبتكره ويخترعه هو مستوحى من مخلوق هو جاء إلى الحياة ليجده بالفعل. وكل ما يبتكره ويخترعه هو بإستخدام مواد موجودة بالفعل في الكون لم يخلقها في مادتها الأولية بنفسه. وهو رغم عجزه على تفسير أصل وجود الأشياء وأصل وجوده هو نفسه، وفي غياب فكرة الإيمان، قد يقف منكرًا التفسير الأكثر منطقية فينكر وجود الإله والرب والسيد. بل ويتباهي “بحريته”.

إن الاعتراف بالعبودية وانتفاء صفة الحرية عن العبد، لهو أمرٌ صعب على النفس. كم من المحجبات تستطيع أن تقول أنها ترتدي الحجاب، وكم منا يستطيع أن يقول بثقة أنه لا يشرب الخمر، لأنه عبدٌ للملك الذي أمره بذلك لا لأي سببٍ آخر؟ كم منا يستطيع أن يقول ذلك لشخصٍ غير مسلم أو حتى لمسلمٍ “متحرر”، بدون أن يشعر بالحاجة لتوضيح كيف أنه يفعل هذا بمحض إرادته أو لفائدته العظيمة على النفس والمجتمع؟ كم منكم يستطيع أن يقرأ هذا المقال بدون أي شائبة استنكار في قلبه لفكرة تسليم حريته لله ﷻ؟

نعم النفس المتكبرة والتى تود أن تسير على هواها “بحرية”، سوف تستنكف أن تعترف بعبوديتها. والله ﷻ، يخبرنا أن تلك الرغبة في الحرية وإتبّاع الهوى هو من أسباب عدم الإيمان.

أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ” ﴿87 البقرة﴾

ويخبرنا الله ﷻ أننا كلنا عباده. حتى الأنبياء والرسل لا يستنكفون أن يكونوا عبادًا لله ﷻ.

لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ” ﴿١٧٢ النساء﴾

ماذا عمن يستنكفون عن عبادته إذًا؟ ماذا عمن يمتعضون لسحب تلك “الحرية” منهم؟ ماذا عمن يخجلون من القول أنهم عبيد وعباد لله ﷻ وليسوا أحرارًا؟! يقول تعالى:

وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا” ﴿١٧٢ النساء﴾

شاء الإنسان أو أبى، فإنه سيدور في الكون الذي خلقه الله ﷻ ثم يرجع إليه سبحانه سواءً شاء أو أبى. الكون كله يسير من قديم الأزل بمشيئته سبحانه لا بمشيئة الإنسان، والكون يستمر بعد فناء الإنسان، بالنظام الذي وضعه الله ﷻ له، لذلك تجد الإحكام والكمال في السنة الكونية لأن السموات والأرض وما فيهما في حالة طاعة تامة له سبحانه:

  • ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ” ﴿١١ فصلت﴾
  • وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا” ﴿٨٣ آل عمران﴾
  • وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا” ﴿١٥ الرعد﴾

 تخيّل لو أن للشمس أو للقمر إرادة حرة وقررا الظهور أو الاختفاء كما يحلو لهما؟! تخيّل لو أن للبحار والنباتات إرادة حرة تثمر أو لا تثمر  كما تشاء. الحمد لله أن كل من في السموات والأرض أسلم له طوعًا وكرهًا لتستمر الحياة وتُحفظ.

فسواءً “اقتنع” الإنسان بوجود إله من عدمه، لن يغير هذا من الأمر شيئًا. سيصبح حينها العبد المصنوع قليل الحيلة، مثل جهاز الحاسوب الذي ظن أنه أذكى من صانعه وتمرّد عليه ورفض طاعة أوامره. ولله المثل الأعلى. ولكن الصانع سبحانه سيحشره إليه وحينها، سيعلم الحقيقة وسيواجه نتيجة تكبره على العبادة. علاوة على ذلك، سيجد أنه عليه أن يجد أجوبة كل الأسئلة وحده وأن يواجه العالم غير متيقن من أي شيء وليس لديه رؤية واضحة حول آليات البقاء والنجاة في هذا العالم. فضلاً عن فقدان المعنى خلف الأشياء وخلف كل تلك الحياة برمّتها. فمن الخاسر في هذه المعادلة؟

ماذا لو اخترت الإيمان ولكن تمسكت بالحرية؟

هنا تكمن معادلة مستحيلة. فالكثير من الأذكياء، يدركون أنهم لا يستطيعون إنكار الإله سبحانه، فيعترفون “بالعبودية” له. ولكنهم في نفس الوقت، ليس لديهم استعداد للاستغناء عن “الحرية” التي هي هوى النفس والإرادة الحرة. فيسلكون طريقًا مموهًا للعبودية الأنيقة التي تبتعد عن مفهوم تملك الله ﷻ لنا وتصرفه فينا. فيعيشون كما يحلو لهم، بدون إنكار الله ﷻ.

ولكن كيف يصح هذا؟! إن الإيمان بالملك له متطلبات. والإيمان بمالك الملك المهيمن له نتائج. والإيمان بأنه الخالق وبأنه القهار والجبار يقتضي كله العبودية التامة والذل التام بين يديه. يعني هذا ألا تؤمن ببعض الكتاب وتكفر ببعضه. يعني هذا ألا  يكون لك خيار وحرية إذا قضى الله ﷻ ورسوله أمرًا:

وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا” ﴿36 الأحزاب﴾

نعم ليس لدينا حرية إذا “اخترنا” الإيمان! وأنت عندما توقع عقد العمل في شركة، لا تتفنن في التهرب من قوانينها، بل تلتزم بسياساتها وتطبقها حتى وإن كنت غير مقتنع بها. لك الخيار في العمل هناك أو لا ولكن طالما ارتضيت العمل في هذه الشركة، وعلى فرض أن سياساتها عادلة، فالموظف ينفذها بلا تردد. وكذلك الحال عندما تحترم قوانين البلد الذي تزوره أو نحمل جنسيته سواء اقتنعت بها أو لا، احترامًا للشأن العام والمصلحة العامة وثقةً أن لتلك القوانين حكمة ونفع سواءً عرفت تلك الحكمة أو لا. 

ثم لم يرتابوا…

كل هذا يفسّر كيف يمكن أن تكون مسلمًا ولا تكون مؤمنًا. يقول الله ﷻ:

قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (14) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ” ﴿14، 15 الحجرات﴾

 الإيمان يحتاج لعدم الريبة. لذلك فقولك أنك “غير مقتنع” بأمر إلهي، هو يعني أنك لا تؤمن بهذا الأمر ولا بتلك الفكرة. “عدم الاقتناع” منافي للإيمان لفظًا ومصطلحًا ومفهومًا. الإيمان الحقيقي لا ريبة فيه. لذلك كان هناك أجر كبير لمن “يؤمنون بالغيب”، ويوقنون بالله ﷻ وبكل ما أنزل وبكل ما أمر وكل ما نهى، بدون فهم الحكمة الكاملة خلف كل شيء. وكانت قمة الإيمان في مثال أبو بكر الصديق، رضي الله عنه في قصة الإسراء والمعراج عندما قال له المتشككون “إن صاحبك يزعم أنه أُسري به الليلة إلى بيت المقدس ثم عاد، ونحن نقطع أكباد الإبل شهرًا ذهابًا وشهرًا إيابًا”. فقال لهم سيدنا أبو بكر: “إن كان قد قال (سيدنا محمد ﷺ)، فقد صدق”. فحتى عندما لا يبدو لك الأمر منطقيًا، الإيمان يعني عدم الريبة. وكيف لنا أن نفهم كل شيء وأن نفهم السنن الإلهية ونحن مازلنا لا نفهم الكهرباء ولا ظواهر الفيزياء وخصائص المادة بشكل كامل وواضح، ومع ذلك نحترم قوانينهم بلا ريب ولا تشكك. فكيف نستطيع أن نفهم حكم الخالق سبحانه في كل شيء؟!

الحرية هي محفّز لكل تسيّب وهي المانع الأكبر للتغيير الإيجابي

كانت لنا كل ثمار الجنة، بإستثناء ثمار شجرة واحدة. ثمرة واحدة كانت تقف في طريق حريتنا، فقطفناها لنستمتع بالحرية كاملة!

كثيرًا ما يتساءل الناس، لماذا يعرف الإنسان أن شيئًا ما خاطيء، ثم يفعله؟ أو لماذا لا يستطيع الإنسان تفعيل التغيير الإيجابي كالإقلاع عن التدخين، أو إنقاص الوزن، أو ممارسة الرياضة، أو الابتعاد عن أصدقاء السوء، وغيرها من محاولات التغيير الإيجابي. الإجابة ببساطة من وجهة نظري، هي الإرادة الحرة: هي الحرية التي تريدها الأنا المتكبرة. النفس تأمرك بما تهواه وتسعى لنيل ما تشاء وما تريد ولا تحب القيود. تحب الحرية المطلقة واتباع الهوى: تأكل ما تشاء وقتما تشاء، تدخن إذا أردت، تخلع الحجاب، تسهر، تمنع النفقة المُستحقة عن شخص تكرهه، تحابي من تحبه على حساب حقوق الآخرين، تهمل المذاكرة… أيًا كان. النفس لا تريد قيود ولا حدود، ولا تحفظات. النفس تريد اطلاق العنان لهواها وتطلب الحرية. كل الخطايا، تحركها الرغبة في الحرية. رغبتك في فعل كل شيء يحلو لك بدون قيد. كل التغييرات الإيجابية التي لا تستطيع تفعيلها، تقف الحرية وراء عدم تفعيلها (مع اعتبار انتفاء العوائق المادية). حريتك في فعل ما تود وعدم تعكير مزاجك بأي قيد. 

لذلك فأنت كلما أطلقت “الحرية” لإرادتك واختيارك، فأنت تتمرد على العبودية لله عز وجل وتقع في المعصية. وكلمة “معصية” هي وصف دقيق لمخالفة العبد لأمر الملك، ومالك الملك، المهيمن. والحرية تلك هي عجز الإنسان في التحكم في نفسه عندما يطلق العنان لحريته. ولذلك كان الإيمان في الآية الكريمة من سورة الحجرات ” إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ”. الإيمان الحق هو مجاهدة تلك النفس والتحكم فيها ومنعها عما تريد. وعندما تتحكم في نفسك وتجاهدها في امتثالٍ وعبودية لأمر الملك سبحانه، ستتفاجيء بالنتائج. ستكون محققًا للعبودية من جهة بإذن الله ﷻ. وستنضبط حياتك وفق ما يصلحها، وتتحسن علاقاتك ونتائج عملك ودراستك أيضًا كنتيجة طبيعية لهذا التحكم في النفس! النفس تهوى وتأمرك بإتباع الهوى. والعبودية لله ﷻ هي أمر مباشر بتطويع تلك النفس. وبتطويعها تبدع وتنتج وتكبر بإذن الله. دورك أصلا أن تحارب تلك الحرية التي تنشدها نفسك. فتلك الحرية هي العائق الوحيد للتغير الإيجابي في حياتك. فكل تغيير إيجابي يتطلب جهد، وصبر، ومقاومة، وجهاد نفس، بينما نفسك تريد الحرية لا الجهد والعبء.

ماذا لو اتفقت إرادة العبد مع إرادة الرب؟ الفخ الخطير

في أول عام لي في كندا وعندما حلّ موسم عيد الميلاد في ديسمبر، سمعت كثيرًا عن تخفيضات ما يسمونه بال Boxing Day ونويت التسوق في هذا اليوم. كانت إرادتي الحرة تقول “إذهبي”. وتلقيت العديد من التحذيرات من صديقاتي اللاتي كن أقدم مني بالبلد. قلن لي أن هذا اليوم يكون كيوم القيامة في المحال التجارية، وأني لن أجد مكانًا لصفّ السيارة، وأني لن أستطيع حتى التوقف للنظر إلى المعروضات بسبب قوة دفع المتسوقين من حولي. حذروني من أنني سأدُفع وستُختطف البضائع من أمامي قبل أن أصل إليها. تخيلت أنهن يبالغن في الأمر، وقررت الذهاب على أية حال. وذهبت بالفعل. وتحقق كل ما حذروني منه. واقتنعت بشكلٍ تام من خطأ قراري وندمت على الذهاب. وعلى مدار التسعة عشر عامًا التالية، لم أذهب للتسوق في هذا اليوم أبدًا، وبمحض إرادتي الحرة.

في الموقف الأول، لو كنت لم أذهب بناءً غلى نصائح صديقاتي، كنت سأتصرف على عكس إرادتي الحرة حتى لو “اخترت” ألا أذهب. ولربما حزنت بعدها على فوات الفرصة ولربما لمت صديقاتي واتهمتهن بالمبالغة وتضييع الفرصة علي. ولكن لأني “آمنت” تمامًا بعدم جدوى الذهاب، كان قراري بعدم الذهاب بعدها هو وفق إرادتي الحرة وإن اتفق مع نصائحهن.

ولله المثل الأعلى. عندما ننصاع للأمر الإلهي رغم عدم فهمنا لحكمته، فهذا تفعيل للإيمان بالغيب وللعبودية الحقة وتسليمًا بألوهيته سبحانه. وعندما نفهم الحكمة وتتفق مشيئتنا وإرادتنا الحرة مع أوامره سبحانه، يكون تفعيلنا للأوامر وبعدنا عن النواهي اقوى وأكثر تلقائية ونستمتع به أكثر ونشعر بالروحانية بشكل أجمل. ولكن… نحتاج أن نحذر من فخٍ خطير! ألا هو أن تكون نيتنا عند فعل الشيء هي أننا نفعل الشيء المنطقي وذا النتائج الصالحة، وليس لأنه أمرٌ إلهي من الملك. وفي فعل عدة إشكاليات:

  • ننصرف عن مركزية الله ﷻ، وننحرف إلى مركزية العقل والمنطق والنفس.
  • نفعل الشيء للشيء نفسه ولنتائجه، وليس لله ﷻ ولا عبوديةً للملك.
  • قد لا نعظّم الأمر والنهي إذا لم نفهم الحكمة وراءهما، أو قد ننصرف عن الأمر والنهي إذا كان تفسيرنا لأسبابهما خاطئة، فيزول التفعيل بزوال السبب. وهذا ما يشير إليه ابن قيّم الجوزية رحمه الله، في كتاب “الوابل الصيّب ورافع الكلم الطيّب” عندما يتحدث عن أسباب عدم تعظيم العبد للأمر والنهي. فيقول أحد الأسباب هو “أن يُحمل الأمر أو النهي على علّة توهن الانقياد”. كأن يقول أحدهم أن الاكل باليد اليمنى كان في الماضي لأن الاستنجاء كان باليد اليسرى، أما اليوم، فهناك أدوات طعام كالشوكة والمعلقة ولا نحتاج للمس الطعام: ولذلك ليس من الضرورة أن نأكل باليد اليمنى. والمثال الأشهر هو عن الحجاب، كأن نقول بأن الحجاب كان في وقته للتمييز بين الجارية والحرة. وبما أن اليوم لا توجد إماء وجواري، فلا داعي للحجاب. وهنا تكمن الخطورة في عدم الانصياع للأمر إذا لم نفهم حكمته أو إذا فسرناه بشكلٍ غير صحيح.

لا أقصد أبدًا إثنائك عن التفكير والفهم. ولكن أقصد ألا تبعد عينك عن العبودية له سبحانه وعن فعل كل شيئ لأجله سبحانه خالصًا لوجهه، لا لأنك تحب هذا العمل أو لأنك على اقتناعٍ به. التسليم لله ﷻ هو في أن تفعل كل شيء لأنه أمرك. لا لأنه الشيء المنطقي أو المُحبب إليك.

هل أنت حرٌ؟

للإنسان إرادة حرة. أما المؤمن، فله إرادة ولكنها لا ينبغي أبدًا أن تكون حرّة إلا في نطاق دائرة الحلال التي أتاحها الملك سبحانه. أنت لك إرادة ومشيئة وتريد أشياء. ولكنها في الغالب تسعى للحرية المطلقة. حياة بدون حساب، ولا رقيب، ولا ضغط من أي نوع. تفعل فيها ما تريد. سيكون هذا في الجنة بإذن الله، حيث تتسق إرادتك مع ما يُرضي الخالق سبحانه.

وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ” (35) ﴿سورة ق﴾

أما في الدنيا، فإرادتك إن سمحت لها أن تكون حرة، فهي كفيلة وقادرة على تدميرك وتدمير من حولك. ونحن نرى ذلك كل يوم من سلوكياتٍ غير مسئولة تحدث بإسم الحرية.

العبودية لله ﷻ، فيها الحرية من العبودية للبشر

معظمنا يعرف المقولة الشهيرة لربعي ابن عامر: “الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله”. لاحظ أنه لم يقل “لنخرج الناس من عبادة العباد إلى “الحرية”، بل إلى “عبادة الله”. كل ما تقدّم لا يعني أبدًا أن تعيش في ذلٍ لأحد أو أن تشعر بأنك عبد لأي شخص في العالم. هو يعني العكس تمامًا. أنت تنحني وتسجد للملك، مالك الملك، المهيمن… فلا يمكن أن تنحني ولا أن تسجد لغيره.

ورزقك بيده سبحانه الرزاق وحده، فلا تحتاج لتملق مدير أو التذلل لصاحب مال! العبودية لله ﷻ تعني الدفاع عن كل اسم اتصف به سبحانه وكل قيمة مستوحاة من أسمائه صبغنا سبحانه على حبها من عدل، ورحمة، وحق، وبر، وكرامة، وعلو، ورفعة، وكل قيمة طلب منا حمايتها. العبودية لله ﷻ، هي إيجابية، وتفعيل، وإعمار، ومبادرة، وعمل فردي دؤوب، وعمل مجتمعي مخلص يطلب وجهه سبحانه وتعالى، لا يطلب إرضاء البشر. العبودية لله ﷻ تعني حياة استثنائية رائعة!

لماذا من الهام فهم هذه المفاهيم؟

لماذا أكتب كل هذا؟ ولماذا من الهام فهم تلك المفاهيم والإيمان بها؟ إليك بعض الأسباب. السبب الأول هو أننا إذا اقتنعنا بفكرة العبودية لله ﷻ بالمعنى الذي تقدّم طرحه. لن تسمع من يقول لك “أنا حر أفعل ما أشاء”! هل تدرك الآن كمّ التعدي في هذه الجملة عند قياسها بمقياس العبودية لله ﷻ؟ من يستطيع أن يقول أنه “حر”، بعد أن أقر بالعبودية لله ﷻ؟ يجعل هذا المؤمن عندما يُخطيء أو يعصي (كعادة البشر)، يجعله أقل تبجحًا بالمعصية وأقرب إلى طلب المغفرة والتوبة. فينجو هو وينجو المجتمع من ويلات “حريته” التي في الغالب لن تأتي بخير.

المنفعة الثانية عندما نؤمن بالعبودية لله ﷻ من هذا المنطلق، ستعود ثقافة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. تأمّل الآية الكريمة بتمعّن. تأمل علاقة “الإيمان” بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ. ﴿110 آل عمران﴾

ولفظ “الفسوق” يعني “الانسلاخ من”، والابتعاد عن الهوية. عندما نؤمن بحق، عندما يؤمن الفرد أنه “عبدٌ” لله، سيصبح أكثر تقبلًا للنصح وأحرص على الاستماع لمن يذكّره بأمر الله ﷻ الملك، بدلاً من أن يصرخ في وجه ناصحه بأنه “حر” يفعل ما يشاء! وحينها يشعر الكل بأريحية في توجيه النصح وتفعيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لاحظ أن اللفظين في الآية الكريمة، هما “تأمرون”، و”تنهون”: لا “تنصحون” أو “تقترحون” أو أي لفظ آخر يدل على الاستحياء أو التردد. وإن كان بالطبع الإحسان مطلوب “وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا”. ويتطلب الأمر الرجوع لمرجعية وسطية سليمة “للحكم” على الأمور وتحديد “المعروف”، و”المنكر” ليستطيع الإنسان أن يقدم النصح على أساس سليم بدون افتراء على الآخرين.

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو صمام الأمان للمجتمعات وهو فيه حماية للفرد أيضًا. ففي البلدان التي تفعّل القوانين، لاحظ سلوك المارة عندما لا تحترم سيارة خط عبور المشاة. وراقب سلوك قائدي السيارات الأخرى إذا تحدى سائق إشارات المرور. إن استهجان المجتمع للتصرفات الخاطئة فيه حماية للفرد والمجتمع. أما إذا أُطلقت الحرية وأصبح “كل شيء” مقبولاً اجتماعيًا، فهذا نذير كارثة!

المنفعة الثالثة هي وضوح رؤية الفرد نفسه. فمن آمن وعرف مقام العبودية أمام الملك سبحانه، استراح لعدم جواز تفعيل حريته في أي أمرٍ قطع فيه الملك بأمرٍ أو نهي. دومًا ما أتذكر قصة الجميلة الشهيدة، بإذن الله، مروة الشربيني: المحجبة التي كانت تعيش في ألمانيا وكانت تتعرض لمضايقات من جارها العنصري بسبب حجابها. لم يكن احتمال “خلع الحجاب” هو أحد خياراتها. فكيف لها أن “تختار” خلعه وقد أمرها سيّدها بإرتدائه؟!! ودفعت مروة من أجل ذلك الثمن حياتها على يد جارها العنصري! فماتت، ولكنها عاشت في ضمائر كل من عرف قصتها، وهم كثرُ.

وقبلها ذخرت قصص القرآن الكريم بحكايات الثابتين على العبودية. كالسحرة في قصة فرعون مستبشرين عند قتلهم، والسيدة آسيا زوجة فرعون طالبةً بيتٍ في الجنة لا يضرها عذابها، وسيدنا إبراهيم يُلقى في النار فلا يطلب النجاة، وسيدنا يوسف مفضّلاً السجن على عصيان أمر سيّده، والرجل الصالح في سورة يس آتيًا يسعى من طرف المدينة داعيًا لعبادة الله، فيموت على أيدي قومه. معظمنا لا يمر بهذه الابتلاءات والاختبارات الكاشفة والقاسية، ومع ذلك، لا نُظهر الكثير من القوة في وجه التحديات التي هي أقل بطشًا من تحديات هؤلاء العظام!

عندما تتضح فكرة العبودية في أذهاننا، نعرف تمامًا ما هو التصرف المتسق مع العبودية في كل موقف. فمثلاً، الأمر إذًا لا يكمن في أن تقرري متى ترتدين الحجاب أو إذا ما كنت ستصلي أو لا، أو إذا ما كنت ستذهب لهذا الحفل العابث أو لا. الأمر هو أعلى من هذا بدرجات. وهو هل أنت عبد لله أم أنت حر؟! في إجابة هذا السؤال، تزول حيرتك وتعرف أجوبة كل الأسئلة الأخرى. ولكن الأمر يتطلب منك شجاعة أن تتعرى أمام نفسك!

لا أبرّيء نفسي…

أعلم أن كل هذا الطرح هو حجة علي وعليك… ولا أعني أبدًا أنني أفضل منك ولا أني ملكت نفسي وأني هذبتها بالكلية. وإنما أنا بشر يناجي بشرًا. نسأل الله ﷻ أن يكتبنا وإياكم ضمن من قال فيهم:

آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ“. ﴿285 البقرة﴾

وها أنا ذا إلهي، أقولها بخضوع وإسلام لك: 

اللهم إني أمتك، بنت عبدك، بنت أمتك. ناصيتي بيدك. ماضٍ فيّ حكمك. عدلُ فيّ قضاؤك.

——

اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا أمتك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت. أعوذ بك من شر ما صنعت. أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت…